مهاجر غير شرعي (5) يوم الأثنين 33 ساعة

30 09 2011

<!–

– يوم الأثنين 33 ساعة

          داخل الطائرة العابرة للمحيط الطلنطي من جنوب غرب أوروبا متجهه الى أمريكا الاتينيه،حيث يشير نموذج الطائرة العابر فوق خريطة المحيط الموجودة في منتصف الطائرة ، لم نعبر الا النذر اليسير من المسافه، حسب توقيت ساعة يدي التي مازالت بتوقيت القاهرة ، وحسب الامساكية التي معي ،الأن موعد الافطار ، بالرغم ؟أن نور النهار واضح والشمس في كبد السماء ولكن هو موعد افطاري ، ذهبت الى مؤخرة الطائره حيث يوج المضيفين والمضيفات لأخبرهم أنني والكفراوي نريد طعامنا الأن، بالفعل أتى لنا بالطعام الي سألت أكثر من مرة هل يحتوي على أي لحم خنزير. فأخبرتني المضيفة نافيه، فأكلنا الوجبه كاملة ، وغمرني شعور بالوصول الى الهدف ، لقد استكملت الصوم رغم اختلاف التوقيت رغم صعوبة السفر ، رغم كل المغريات ، ورغم كل الناس حولي يأكلون ويشربون ، ورغم جمال الأجسام وفنون الأزياء التي خبرناها في مطار مدريد وهنا على هذه الطائره.

         بدأ محمد بعد تناول الطعام يشعر أنه يتحرر من قيد قيد به ، بل بدأ يتحرر من قيد صحبتي ، التي أتصور أنها ممله ، فبعد تناول الطعام ، قام للعودة الى مؤخرة الطائرة بحجة أنه يريد أن يخن سيجارة ، أشعر أنها الغيرة من عدنان وحركته التي لا تهدأ ، الكفراوي يريد أن يقترب من ذلك ولم يجد ما يرغبه في الجلوس معي.

        دار المضيفون والمضيفات في المرور على الركاب ، بعد انتهاء الفيلم الأمريكي ، وبعد تناولهم الطعام وبعد فترة من التدخين والحركة وتناول المشبروبات الكحلية،بدأ توزيع أغطية وبعض الأحزيه من القماش لتحافظ على حرارة القدمين ويشيرون الى مواضع المخدات لكل من أراد أن يخلد الى النوم. بعد تناول طعام الافطار ، حيث الجوع الشديد شعرت بخمول عجيب ، فكل الدم الدائر في جسدي يذهب مباشرة الى المعدة ، فبدأت أغص في غفوة عميقة من كثرة التعب فلم أنم طوال الأربعين ساعة الماضية .

       لا أعرف طول المدة التي غفوت فيها فلقد فشلت وأنا مرس الرياضيات أن أحسبها ، فساعة يدي حسب توقيت القاهرة ، ولقد غادرنا مريد بعد الظهيرة بتوقيت مدريد ، الا أن نموذج عبور المحيط داخل الطائرة يشير الى أننا في الثلث الأخير من الرحلة .

استمرت الرحلة بعد ذلك حوالي ثلاث ساعات ، بدأت فيها الحركة تدب مرة أخرى في الطائرة التي كانت استكانت وسكنت وخلدت الى النوم الا عدد ما من الذين يستمتعون بأوقاتهم ومنهم الكفراوي الذي لم يعد الى مقعده مرة اخرى. وكأن مقعده الأن في منطقة المدخنين الذي تجلس فيه الراقصة ، حسب تسمية عدنان.

 

        جاء صوت طاقم قيادة الطائرة ، يشير الى الاستعداد للهبوط ودار المضيفين والمضيفات ينبهون الى الجلوس وربط الأحزمة ، معظم الرحلات كانت تتوقف في ولاية فلوريدا الجنوبية في أمريكا ،لكن السلطات الأمريكية تشترط الأن ، على كل من سيمر على فلوردا ولوحتى لعدة دقائق اتظار في مطارها أن يحصل على تأشيرة دخول ، وهم لا يعطون تأشيرات الدخول. لكن طائرتنا العملاقة ، ستهبط في دوله من دول الكاريبي ، وهي الدول الموجودة في غرب المحيط الأطلنطي عبارة عن جزر مواجهة لجنوب شرق الولايات المتحده ،” كوبا” و”هايتي”، وجمهورية “الدومنيكان ” التي سوف تهبط الطائرة في مطارها .

هبطت الطائرة في حوالي الثالثة بعد الظهر بتوقيت العاصمة “سانتاديمنجو” بعد حوال اثنى عشر ساعة طيران. حوالي اثنين وعشرين ساعة منذ مغادرتنا القاهرة . علينا أن ننتظر ساعة في هذا المطار داخل صالة صغيرة جدا ، حيث تستطيع أن ترى الغابات من نوافذ المطار.

لحظت أن هناك أناس كثرين يتحدثون الأنجليزية في هذا المطار ، ربما لقربهم من الولايات المتحده وكثرة السفر منهذه البلاد اليها.

بعدساعة دخلنا الى طائرة أخرى في رحلة أخرى من جزر الكاريبي في الغرب المحيط الأطلنطي ، الى غرب أمريكا الاتينيه على المحيط الهاديء. داخل الطائرة كان كل يخدمون في الضيافة ، كانوا كلهم رجال.تشعر باحتكاك بل ارتطام عجلات الطائرة بأرض المطار ،وكأن الطائرة تجري في أحد الشوارع في بلادنا، كانت الطائرة أصغر كثيرا من الطائرة التي عبرت بنا المحيط.رجال الخدمة يتحدثون الاسبانية فقط ومن الصعب فهم أي شيء منهم .بالرغم من عدم معرفتنا بأي من ألفاظ الاسبانية الا أنك تشعر باختلاف بين الذين تحدثوا الاسبانية في أسبانيا حيثوا كانوا على الطائرة التي أقلتنا عبر المجيط ، وبين اسبانية هؤلاء الذين يعبرون بنا من المحيط الأطلنطي للهادي.على جانب آخر تشعر بمدى التقارب بين أهل أمريكا الاتينية وطريقة تفكيرهم وردود فعلهم وبين طرق وردود أفعالنا .

       بدأ المدفين يمرون على الركاب بوجبة الطعام ، شككت أن بها لحم خنزير ، فأنا لم يسبق لي رؤية لحم الخنزير ، ولكن غالبني الشك،فأثرت أن أسأل المضيف ، وبالفعل ذكر أو هكذا فهمت وربما كان هناك سوء فهم ، لفقر لغة حوارنا، وسألته ان كان نوع آخر من الطعام .فجائتني الاجابه بالنفي.فامتنعت عن الأكل . وذهبت على الفور الى حيث يجلس عدنان والكفراوي وراشد لأخبرهم أن الأكل به لحم خنزير، فتوقف الكفراوي وراشد عن الأكل، واستمر عدنان ولم يتوقف عن الأكل، وأشار الي ذاكرا خنزير خنزير، كبر دماغك.

        بعد رحلة طيران حوالي ثلاث ساعات أخرى، ها نحن نهبط في مطار عاصمة” الاكوادور” ” كيتو” وكان الضباب يلف المدينة وبعض من قطرات المطرالخفيفة تتساقط، ها نحن نصل الى أول محطة في طريقنا الى الولايات المتحدة الأمريكية ، بعد خمسة وعشرين ساعة طيران ، من مطار القاهرة الى مطار برشلون فمطار مريد،ومن مدريد عبر المحيط الأطلنطي الى جزر الكاريبي في دولة دومنيكانومنها الى غربأمريكا الاتينية على المحيط الهادي دولة الاكوادور.بدأنا الرحلة الساعات الأولى من صباح يوم الاثنين الثالث من فبراير الثاني والعشرين من شهر رمضان وها نحن نصل الى “كيتو” ومازال في يوم الاثنين تسع ساعات أخرى ، فقد ازدادت أعمارنا تسع ساعات أخرى لقد خطفنها من الحياة.

حسب توقيت القاهرة علينا أن نبدأ الامساك عن الطعام خلال ساعة ولكن نحن الأن قبل المغرب بتوقيت” كيتو” ، ما علينا الا أن نساير أهل البلاد في توقتيهم ، ونتخلص من توقيت القاهرة وساعتها.

 

       مطار ” كيتو” مطار صغير نزلنا من الطائرة لنسير على الأقدام للدخول الى صالة الوصول ، التي تشبه صلات الوصول في الافلام المصرية القديمة. لم يكن معنا تأشيرات دخول “للاكوادور” ومن المفروض أن نحصل عليها في المطار. وقد وزعت على ركاب الطائرة استمارات تملىء بالاسبانية ، وكانت هناك بعض الترجمة الانجليزية.تحلق حولي كل من المفراوي وعدنان وراشد ، حاولنا قدر الامكان أن نملء بعض الفقرات وتركنا الباقي ، طلبت منهم ألا نقف كلنا في طابور واحد حتى لا نلفت الأنظار ، وعلينا أن نتوزع ، كل على شباك.وبالفعل وقف كل من عدنان والكفراوي في طابور ،ووقف راشد الصغير خلفي في الطابور.

وصلت الى موظف الجوازات الذي حدثني بالاسبانية ، فهززت رأسي ، فبدأ يتحدث اليّ بالانجليزية

  –  لماذا أنت قادم الى ” الاكوادور”

  –  سياحة   

نظر الى جواز السفر وختم بتأشيرة دخول ، نظرت اليها فيما بعد وجدتها تأشيرة دخول بشهرين .ولم يستغرق البقية وقتا ، لاأعف ماذا دار بين عدنان وموظفة الجوازات، المهم أننا حصلنا على تأشيرات الدخول الى البلاد بسرعة وسهولة .فحصل كل منهم على تأشيرة بشهر وهذا أكثر بكثير مما نحتاج ، فما نحتاج اليه هو بضعة أيام نحصل فيها على تأشيرة دولة ” كوستاريكا” وسوف نرحل مباشرة خلال اسبوع لا أكثر.

       ها نحن أربعة قرويين ، في بلاد تبعد ألاف الأميال عن قرانا، في أول مرة يفارق فيها معظمنا بلاده، ولبعضنا المرة الأولى التي يفارق فيها محافظته والمركز الذي عاش فيه طوال عمره . والى بلا لانعرف من لغة أهلها كلمة ، وعلينا أن نتصرف ونتحرك.

انتظرنا حقائبنا المشحونة ببطن الطائرة ، فلقد غيرنا ثلاث طائرات ، وصلت حقاقبنا أنا والكفراوي سالمة ، ولم يكن لعدنان وراشد الا حقيبة كتف وزاحده يحملانها معهم داخل الطائرة.الأن علينا أن نغير بعد الدولارات ونحصل على عملة معدنية كي نحاول أن نستخدم التليفون،سألت أحد العاملين في المطار ، الذي من الصعب جدا وجود أحد يتحدث الانجليزية ، استطعنا معرفة مكان تغيير الدولارات. وكان عدنان والكفراوي وراشد يصدراني لخوض التجارب ، فعلي أن أغير الدولارات وأن أدفع وسوف يحسبونني بعد ذلك. على كل حال غيرت عشرين دولار الى عملة ” الاكوادور”، التي تسمى ” السوكروس” كما سمعناهم ينطقونها. وكل دولار يحول بحاولي ثلاثة ألاف وستمائة” سوكروس”، العشرون دولار ثلاثة وسبعين ألف ” سوكروس”.

حصلت على بعض العملة الفضية، وكانت عملية تقيم الأعداد عملية صعبة حيث كنت أحول الأرقام بين الجنيه والدولار ” والسوكروس” . بحثت عن تليفون عمومي في المطار.حيث كان معي رقم تليفون مسعود شخص مصري مقيم في “الاكوادور” ، كنت قد حصلت على رقمه من صديق لي في نيويورك حينما كنت أكلمه عبر التليفون من ثلاثة أشهر ، فطلبت منه أن يخبرني عن قصة رحلته ، وكان وهو يكلمني عبر التليفون في مكالمات كانت تستمر بالساعات ، لا أعرف كيف يدفعون فواتير هذه المكالمات، وكان وهو يكلمني ويخبرني أنه يتحدث من الشارع ، وبين مدة وأخرى أجده يرد بقوة ، وعليكم السلام ، ويخبرني أن فلان كان فائت من أمامه ، جعلني لا أشعر بالغربة ، ودفع داخلي الرغبة بالسفر التي كنت أقاومها ولاأفكر فيها لسنوات، ولكن مع التغيرات التي حدثت في قريتي ، التغيرات التي قلبت كل الموازين في القرية ، فلم يعد هناك أهمية لشهادة تعليمية أو حسب أونسب ولاحتى أخلاق ، كل ماأصبح له قيمة هل معك كرت أخضر يصرح لك الاقامة والعمل في أمريكا ، هل لك اخوة في أمريكا أوايطاليا ، وعلى أقل تقدير أن لم تسافر بعد هل تجهز نفسك للسفر، فحينما تتقدم للزواج تسأل عن كل ذلك . وكم من الجميلات تزوجنا من منذ عقدين من الزمان ليس له قدر حتى لو أتى بمال قارون . لكن سبحان مغير الأحوال. والفضل للدولار.

حصلت على بعض أرقام التليفونات والأسماء من صديقي هذا، وهذا هو وقت استخدام هذه الأرقام ومنها رقم مسعود في ” كيتو” ، ذلك الرقم وجدته مع كل من المجموعة التي التقت مصادفة في مطار القاهرة ساعة قبل مغادرة الطائرة، وكأن كل فرد من قريتي والكفر المجاور لنا يخرج في طريقة الى أمريكا معه قائمة بهذه الأرقام والأسماء التي تحوي اسماء عرب وأجانب.


إجراءات

Information

أضف تعليق