يوميات تاكسجي في نيويورك (6) حكي بالعربي كل احد مع جمال عمر

                                

                             (6)

    

                          حكي بالعربي

         

        بعد ان اعيد التاكسي للجراج، اعود الى البيت، عندي روتين يومي اتبعه. اخرج مفاتيحي وافتح قفل الباب العلوي ثم القفل السفلي، اما مفتاحي الثالث فافتح به صندوق البريد واحصل على خطاباتنا.

 افتح الباب واضع حقيبتي في المكان المخصص لها. ابدل ملابسي واجلس على الكنبة واضعا “كومبيوتر الرُكب” على ركبتي لافتح صناديق الايميل العام منها والخاص. واحذف منها ما هو مجرد اعلانات او ما يقرأ من عنوانه اومن اسم من ارسله امسحه. وبينما اقرأ ايميلاتي افتح صفحتي على موقع ” سكيب” للتواصل على النيت او سكاي، كما يسميه بعض من اصدقائي وصديقاتي من العالم العربي.

 وجدت صديقي على النيت كوبال. نعم مصري ومسلم اسمه كوبال انا استغربت مثلك حين عرفت. فتصورت ان له اصول تركية. فعرفت ان الست الوالدة والوالد شاهدا فيلما هنديا اعجبا ببطل الفيلم وكان اسمه كوبال. من هنا اخذ صديقي اسمه. وجدته موجود.

بدأت اقرأ عدد الغد من جريدة الاهرام على النيت. واتبعتها بقراءة عدد اليوم من جريدة المصري اليوم. جاءتني رسالة مكتوبة من كوبال على” سكيب” وبعد السلام والتحيات. دعاني لان اشاركهم، ودون ان اجيبب بالرفض او القبول دق تليفوني على “سكيب” قبلت الاتصال، فانضممت الى محادثة على النيت بالصوت.

 مكونة من: فاخر من سوريا وامان مغربية ورامي في لندن وسوسن من المغرب وكوبال من مصر وانا في نيويورك.على النيت نتحدث ونحكي بالعربي، عربي لا هو الفصحى التقليدية و ولا هو العاميات المنعزلة. نتحدث محكية عربية مختلفة، في القلب منها اللهجة المصرية المنتشرة والمفهومه من العديد. لكنها تتطعم وتتلون بصبغة عربية بها هسه من العراق ومنيح و شو من الشام  وبالزاف من المغرب العربي، ونحنا من السودان.

ان القنوات التليفزيونية الفضائية والتواصل صوت وصورة على النيت، تسهم في تواصل الشباب العربي بصورة لم تتح من قبل للاجيال السابقة، وكل هذا يغير اللغة المستخدمة تلك التغيرات التي لم تلحق بها الكتابة سواء في الصحف او الادب العربي بعد.

امان بصوتها وقدرتها على ادارة الحوار وكأنها مقدمة برنامج في الاذاعة خفيفة الظل تحرص ان تختار من الفاظها ما هو مفهوم للجميع  وحميتها للحوار. وفاخر الذي يتحدث بصوت جهوري ويتحدث في اناة وروية ولكن بحماس دائم يتناول الامور وما يخص العروبة منها وكأنه يعيش في خمسينات وستينات جمال عبد الناصر.و رامي من لندن يقرأ قصيدته عن احوال العرب التي كانت اليمة ومؤلمة، وسوسن بصوتها الخفيض وكلماتها القليلة.

اما كوبال بهدوءة الذي لا اعرف من اين ياتي به، بالرغم مما يراه كل يوم في المحاكم المصرية من احوال وظروف تخرج الانسان عن شعوره، وبالرغم من ذلك عنده القدرة على المزح مع امان و فاخر.

كانت زوجتي تجلس بالقرب مني ولما فاض بها الكيل بدأت تتحرك هي للتجهيز للعشاء. لعلى وعسى ان الحق بها. استمر الحديث وانا مستمع اكثر مني متحدثا. ربما لاحساسي بالجوع. اصبحت الساعة السادسة ونصف مساءا والساعة في القاهرة اظن الثالثة ونصف صباحا وكذلك في دمشق اما في المغرب فهي الواحدة صباحا وربما الثانية عشر في لندن. لكننا موجودين على قارة اخرى لها وقتها هي قارة النيت، وهي لها لغتها العربية ايضا التي تتخلق وتتكون الان، ولها وسائل اعلامها وتتولد منها اشكالها الكتابية والفنية.

بدأت ارى نظرات الضيق على وجه زوجتي وكان الجوع يعتصرني ايضا فما كان مني الا ان استئذنت منهم شاكرا لهم دعوتي على ان نستكمل الحديث فيما بعد.ولمحت الى زوجتي والجوع فضحكوا امان متباهية اني ساطبخ واكيد فاخر يبتسم ابتسامة زوش الشوارب زوج الاثنتين.

 جمال عمر